الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

المرآة

وقفت أمام المرآة كعادتي صباح كل يوم، إلا أنني لم أجدني فيها، ووجدت عوضاً عن ذلك رجلاً غريباَ، لا أعرفه ولم أره في حياتي من قبل. إلا أني لسبب غامض لم أخف منه ولم أجزع. فأخذت أنظر إليه وأخذ ينظر إلي، وأحدق في عينيه ويحدق في عيني. عندها توقفت عجلة الزمن عن الحركة، وتلاشت الأصوات من حولي، وانقعشت الألوان عن الجدران، فارتفع صوت الفراغ في روحي، وشعرت ببرد يسري في عروقي. وكأنه يريد أن يخبرني شيئاً، أمراً مهماً، أمراً خطيراً. فها هي شفتاه تتحرك، وها هو لسانه ينطلق. لكنني لا أسمع حرفاً ولا كلمة. ويبدو أن العبرة تخنقه، وإلا فلما عيناه تدمعان؟ ولم ينظر إلي بهذه النظرة التي عرى بها روحي وشل بها جسدي؟! لا بد أنه يريد أن ينبهني من أمر ما. ولكن صوته لا يصلني.. أم هل أنني أنا الذي أستطيع أن أسمعه؟ لا أعرف.. لا أعرف.. لا أعرف!

وبعد فترة -والتي بدت لي وكأنما قاربت الأبدية أو زادت عنها قليلاً- إلا وبه يفقد الأمل، فيدير ظهره ويعود من حيث أتى، تراكاً لي ظله خلفه.

فها أنا أقف أمام المرآة من جديد. قد ذهب عني صاحبي وتركني من غير أن يودعني. فبت أشعربأني فقدت جزءً مني.. لكن ماذا؟ لا أعلم! لكنني أشعر بالفراغ الذي خلفه هناك في أعماقي.. هناك في مكان ما حيث تنعدم الظلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق